Share

منى نقفي: S&P Global ترى في تبني الاستدامة رحلة تعتمد على البيانات

التأكيد على أهمية بيانات الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة في عملية صنع القرار
منى نقفي: S&P Global ترى في تبني الاستدامة رحلة تعتمد على البيانات
منى نقفي، الرئيسة العالمية لقسم الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية واستراتيجية أسواق رأس المال (Sustainable1) في "إس أند بيه جلوبال".

لم تكن الدعوة إلى الاستدامة أكثر إلحاحًا مما هي عليه اليوم. بينما تجهد الحكومات والقطاعات في سعيها لخفض انبعاثات الكربون، تشهد المنظومة المالية أيضًا تحولًا عميقًا. في خضم ذلك، تبرز Sustainable1، وحدة الاستدامة التابعة لـ”إس آند بي جلوبال” (S&PGlobal)، قائدة لهذا التحول المحوري المدفوع بالبيانات والذي يضع الاستدامة في طليعة الأولويات.

في هذه المقابلة، تتطرق منى نقفي إلى مسألة التمويل المستدام. تشغل نقفي منصب الرئيسة العالمية لقسم الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية واستراتيجية أسواق رأس المال (Sustainable1) فيإس أند بيه جلوبال”. كما تتطرق إلى دور البيانات البيئية والاجتماعية وبيانات حوكمة الشركات في تمكين المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط.

إيكونومي ميدل إيست: كيف يؤثر الشرق الأوسط على مستقبل التمويل المستدام؟

منى نقفي: عند التطرق إلى الممارسات والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG)، تبرز منطقة الشرق الأوسط بسبب تعرضها المتأصل لمختلف المخاطر والكوارث المناخية الطبيعية. هذه المنطقة معرضة بشكل خاص للضغط الحراري والجفاف ونقص المياه، وفي حالة دولة الإمارات العربية المتحدة، ارتفاع منسوب مياه البحر.

بالإضافة إلى هذه التحديات المناخية، تعتمد الاقتصادات في دول الخليج بشكل كبير على الوقود الأحفوري واحتياطيات النفط. ومع ذلك، تشهد شبكة الطاقة العالمية تحولاً كبيراً، مما يقلل من الأهمية المستقبلية لهذه الموارد. ونشهد حاليًا أحد أكبر التحولات الصناعية في التاريخ، وتبدو الأسواق في هذه المنطقة في طليعة هذا التغيير. إن مدى قدرة هذه الأسواق على الانتقال سيحدد حقًا وتيرة واتجاه الانتقال العالمي ككل.

إيكونومي ميدل إيست: هل لكِ أن توضحي أهمية اعتماد ممارسات ومعايير ESG في أسواق رأس المال المستدامة في الشرق الأوسط، وكيف تسهم في تسهيل عملية صنع القرار للمستثمرين والشركات؟

منى نقفي: لفهم أهمية دور ممارسات ومعايير ESG، علينا التراجع خطوة إلى الوراء. أجرت شركة Ocean Tomo دراسة سنوية تبحث في العوامل التي تؤدي إلى تعظيم قيمة الشركة. في الماضي، خلال الخمسينيات من القرن الماضي، تم تحديد قيمة الشركة بشكل أساسي من خلال رأس المال المادي والأصول المدرجة في الميزانية العمومية. مع ذلك، ومع ظهور التكنولوجيا وصعود تكنولوجيا المعلومات وبراءات الاختراع، تحول التركيز نحو رأس المال الفكري. اليوم، تساهم الأصول غير الملموسة على نحو أكبر في تحديد قيمة الشركات. لقد شهدنا انعكاسًا كاملاً، حيث كانت الأصول الملموسة تمثل 80 في المئة من قيمة الشركة، إلا أ، الأصول غير الملموسة باتت حالياً تشكل ما يزيد عن 90 في المئة من هذه القيمة.

في المقابل، لم يواكب والإبلاغ والبيانات المالية هذا التحول العميق. من المعروف أن قياس قيمة الأصول غير الملموسة يمثل تحدياً كبيراً، بحيث لم يعُد تحليل تدفقات الميزانية العمومية وحسب كافياً لتقييم المخاطر وتحديد مكامن الفرص.

يتم الحصول على بيانات ESG، التي يشار إليها غالبًا باسم البيانات «غير المالية»، من الإقرارات المالية غير التقليدية. وهو يشمل مصادر جديدة وبديلة للمعلومات تساعد على الكشف عن العوامل الخارجية الخفية والمخاطر المحتملة.

من الأمثلة الملموسة على أهمية بيانات ESG مخاطر السمعة. تدرك الشركات اليوم الحاجة إلى الحفاظ على ترخيص اجتماعي للعمل بفعالية. يخلق هذا آلية ارتجاعية ملموسة تؤثر بشكل كبير على عملياتها. من وجهة نظر المستثمر، يصبح الوصول إلى البيانات والأدوات المناسبة لتقييم المخاطر أمرًا بالغ الأهمية في بناء محفظة استثمارية مرنة يمكنها تحمل المخاطر الاقتصادية في العالم الحقيقي.

اقرأ أيضاً: ستاندرد أند بورز تتوقع استمرار الطلب على العقارات في دبي عام 2023

إيكونومي ميدل إيست: تختلف سياسات الإدارة السليمة بيئياً من قطاع لآخر. ومع ذلك، ما هي سياسة ESG التي تبرز على أنها الأكثر انتشارًا والتي تتطلب حلاً؟

منى نقفي: في الواقع، من الصواب الإشارة إلى أن ذلك يختلف من قطاع إلى آخر. ومع ذلك، هناك عقبة مشتركة تتمثل في كيفية الإدماج الفعال لمؤشرات ومقاييس الأداء الرئيسية على اختلافها على ضمن استراتيجية شاملة يسهل شرحها وتسويغها، مع الحفاظ في الوقت نفسه على أهمية المستهدفات وعدم التهاون بها.

يكمن التعقيد المتأصل في التحسين عبر أبعاد متعددة، مما يسلط الضوء على أهمية أن يكون لدى المستثمرين فهم واضح لفلسفتهم الاستثمارية ونظريتهم للتغيير. يمكن أن يكون التعاون مع الخبراء، مثل أولئك العاملين لصالح S&P Global، مفيدًا في الاستفادة من خبراتهم.

في نهاية المطاف، إنه تحدٍّ يتمحور حول إدارة حالة عدم اليقين وتقليل النتائج غير المتوقعة، وبالتالي ضمان عدم تعرض المستثمرين لخسائر غير مرغوب بها.

إيكونومي ميدل إيست: بينما نتطلع إلى المستقبل، ما هي الاتجاهات التي تتوقعيها في مجال الاستدامة، وكيف تستعد S&P Global لأن تكون مساهماً وشريكاً في هذه التغيرات؟

منى نقفي: أصبحت الاستدامة في أيامنا جزءًا لا يتجزأ من جميع القطاعات تقريبًا، إلا أنه من المهم دمجها في الممارسات السائدة. ظهر التقارب بين الاستدامة والتكنولوجيا، إلى جانب الوتيرة السريعة للابتكار، كمحرك أساسي وحاسم للشركات في مسيرتها من الآن فصاعداً.

في S&P Global، تتمثل مهمتنا في العمل بصفتنا مزودين للحلول ينشطون في تجنيد المستثمرين بالإدراك البنّاء لتوظيفه في القرارات التي ينوون اتخاذها تماشياً مع أهدافهم الاستثمارية المحددة. نحن لا نسعى للتأثير على المستثمرين ودفعهم نحو تبني اتجاهات معينة، بل نهدف إلى تزويدهم بأحدث المعلومات المتاحة والمناسبة. ينصب تركيزنا على ضمان حصول المستثمرين على جميع البيانات والرؤى اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة تتماشى مع معتقداتهم الاستثمارية.

إيكونومي ميدل إيست: مع اقتراب انعقاد مؤتمر المناخ COP28، ما هي توقعاتكِ لمخرجات هذا الحدث، وكيف تعتقدين أنه سيساهم في تقدم المنطقة وتنميتها؟

منى نقفي: غالباً ما يكون قياس النجاح الفوري لمؤتمر الأطراف أمراً صعباً نظراً للوقت اللازم لتحقيق مفاعيله. ومع ذلك، فإن مجرد تسهيل المناقشات المتميزة بشأن الإدارة البيئية والاجتماعية المستدامة داخل المنطقة يكتسي أهمية كبيرة. من خلال الاجتماع فعليًا في موقع مثل الإمارات العربية المتحدة، فإنه يسلط الضوء على الدور المحوري للمنطقة في دفع التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون.

لا يمكن أن يكون الموقع المختار للحدث أكثر ملاءمة، لأنه بمثابة حلقة وصل لتوحيد العالمين الغربي والشرقي. وتؤدي معالجة الفجوة العالمية بين الشمال والجنوب دوراً حيوياً في عملية التحول نحو الاستدامة. ومن الضروري تحقيق توازن يضمن عدم السعي إلى تحقيق الأهداف البيئية على حساب الأهداف المجتمعية.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من المقابلات.