في تقريره حول “الآفاق الاقتصادية المتوقعة وأولويات السياسات في دول مجلس التعاون الخليجي”، أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن وتيرة النمو غير النفطي في الدول الخليجية صحية، مدفوعة بزيادة الاستثمارات والتدفقات الرأسمالية رغم المخاطر والظروف غير المواتية العالمية.
وتحدث الصندوق عن تسجيل متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية بالنصف الأول من العام الحالي نحو 4.5 في المئة (من الأنشطة الخاصة الحكومية غير النفطية)، وسجلت الإمارات العربية المتحدة نمواً قوياً بنسبة 5.9 في المئة خلال الفترة نفسها، مدفوعاً بالطلب المحلي القوي.
وبخصوص قطر، قال الصندوق إن النشاط غير النفطي حظي بنمو قوي خلال 2022 بدعم من استضافة بطولة كأس العالم، ليحقق نمواً بلغ 6.8 في المئة مدعوماً بنشاط السياحة والضيافة والإنشاءات.
ومن المرجح تباطؤ هذا النمو القوي في العام الحالي إلى وضعه الطبيعي عند 2.5 في المئة، مدفوعاً بالاستثمار في المشاريع العامة، وإنشاء مشروع توسعة حقل الشمال للغاز الطبيعي المسال.
وأشار صندوق النقد إلى تباطؤ النمو غير النفطي في البحرين والكويت، ولكنه يظل أعلى من 3 في المئة، في حين بلغ 2 في المئة في سلطنة عُمان.
اقرأ أيضا: السعودية تعزز الإنفاق في موازنة 2024 لدعم النمو غير النفطي
التضخم
وأوضح الصندوق في تقريره أنَّ التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي لا يزال تحت السيطرة، حيث بلغ المتوسط نحو 3.3 في المئة على أساس سنوي في عام 2022. وسجلت أكبر الزيادات في البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة والأدنى في عمان، بينما تراجع التضخم في السعودية بنهاية عام 2022.
وأشار التقرير إلى أنَّ أسعار العقارات ترتفع بسرعة في دبي وبشكل منخفض في السعودية، بينما ارتفعت الإيجارات في الكويت بشكل ملحوظ.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن تقود السعودية والإمارات نمو القطاع غير النفطي خلال الفترة الحالية، مشيراً إلى أن دول الخليج لا تزال محتفظة بقوة زخم نمو القطاعات غير النفطية المدفوعة بالطلب المحلي وزيادة إجمالي التدفقات الاستثمارية الداخلة وتنفيذ الإصلاحات.
واعتبر أن ارتفاع الإيرادات غبر النفطية يعد انعكاساً للإصلاحات المالية والهيكلية المتواصلة.
وأوصى الصندوق دول مجلس التعاون الخليجي بالاستمرار في تعزيز القطاع غير النفطي، الذي اعتبره قاطرة نمو اقتصادات المنطقة مع تراجع إنتاج النفط.
كما أوصى بتطبيق دول المنطقة ﺣزﻣﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ من السياسات لمواجهة الصدمات وأجواء عدم اليقين في الاقتصاد العالمي ﻓﻲ اﻟﻣدى القصير ومعالجة التحديات ﻋﻠﻰ المدى المتوسط والطويل، وعلى المدى القصير، ينبغي أن تظل السياسات المالية اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ موقفها الحذر في الإنفاق وإعادة بناء الهوامش الوقائية واستغلال ارتفاع أسعار النفط، وأن تواصل السياسة النقدية اتباع خطى الاحتياطي الفدرالي الأميركي مع مراقبة مخاطر الاستقرار المالي عن كثب.
وﻋﻠﻰ المدى المتوسط، أوصى الصندوق بأن تواصل دول المنطقة سعيها لضبط أوﺿﺎع المالية اﻟﻌﺎﻣﺔ اتساقاً ﻣﻊ هدف ضمان العدالة بين الأجيال والاستدامة، ويمكن المساعدة ﻋﻠﻰ تحقيق هذا الهدف من ﺧﻼل بذل الجهود لتعبئة الإيرادات غير النفطية، والإلغاء التدريجي لدعم الطاقة، وترشيد النفقات ﻣﻊ رﻓﻊ مستوى كفاءتها، وﺗﻌزﯾز شبكات اﻷﻣﺎن الاجتماعية.
إنتاج النفط
وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي، فإن إنتاج النفط في منطقة مجلس التعاون الخليجي، والذي يعتمد على قرارات تحالف “أوبك+”، سينخفض على المدى القريب.
وقال إن السياسة المالية لدول مجلس التعاون الخليجي على المدى القريب يجب أن تتجنب الإنفاق المساير للدورة الاقتصادية، وأن تستغل المكاسب غير المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط لإعادة بناء الاحتياطيات.
“موديز”
وفي السياق نفسه، توقعت مؤسسة “موديز أناليتكس” أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية نمواً بين ثلاثة في المئة وأربعة في المئة سنوياً حتى عام 2030، في وقت تعزز المملكة الإنفاق لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.
وكانت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أعلنت في وقت سابق من الشهر الجاري نمو القطاع غير النفطي في المملكة 3.5 في المئة في المملكة في الربع الثالث من العام الجاري.
وقالت المحللة الاقتصادية لدى “موديز” كاتارينا نورو في ندوة عبر الإنترنت حول الآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2024، إن الاقتصاد السعودي شهد تحولاً في العقد الماضي مع استحواذ القطاع غير النفطي على حصة متنامية من نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وأضافت “نتوقع نمو الاقتصاد غير النفطي بما بين ثلاثة وأربعة في المئة سنويا حتى عام 2030، وفي المقابل، نتوقع أن يكون نمو القطاع النفطي بين 0.5 في المئة و1.5 في المئة بعد عام 2025”.
وأشارت نورو إلى أن “استمرار المملكة في تقديم تسهيلات ائتمانية للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من المنتظر أن يحفز النمو في قطاعات حيوية مثل السياحة والإنشاءات”، مضيفة أن استمرار هذا الزخم يتطلب نمواً موازياً للقوة العاملة.
وذكرت أن زيادة معدل مشاركة المرأة ونمو عدد المغتربين سيكون لهما دور مهم، إذ أن نمو القوة العاملة سيعزز بدوره نمو القطاع الخاص والاقتصاد غير النفطي.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من الأخبار الاقتصادية.