أظهر تحليل شامل لبنوك التجزئة الرائدة في المملكة العربية السعودية تصاعداً في الانطباعات العامة الإيجابية تجاه القطاع المصرفي، وإن كانت لا تزال هناك بعض التحديات التي تؤثر على سمعة المؤسسات المالية ونظرة المستهلك العامة لها.
تحليل أداء القطاع المصرفي السعودي
وجاء ذلك التحليل في إطار أول مؤشر مشترك تصدره بي دبليو سي عن الانطباعات العامة تجاه القطاع المصرفي في المملكة، حيث حللت بي دبليو سي الشرق الأوسط بالتعاون مع داتا إي كيو الانطباعات العامة للمستهلكين تجاه سبعة من بنوك التجزئة الكبرى في المملكة وهي مصرف الراجحي ومصرف الإنماء وبنك البلاد وبنك الرياض والبنك الأهلي السعودي والبنك السعودي الأول والبنك السعودي الفرنسي.
وتتبع المؤشر ما يزيد على 5 ملايين منشور على منصة إكس (تويتر سابقاً) عن هذه البنوك السبعة ثم خضعت هذه المنشورات للمعالجة من خلال تقنية خاصة بشركة داتا إي كيو والتي تجمع بين تقنية تحليل الحشود (Crowd) والذكاء الاصطناعي. وقسمت المحادثات إلى قسمين مختلفين: آراء تخص العمليات وآراء تخص سمعة المؤسسة، ويشكل القسمان معاً صافي الانطباع العام تجاه المؤسسة.
وبوجه عام، أظهر التحليل وجود دلائل على تحسن أداء القطاع المصرفي مع زيادة بواقع 11,3 نقطة مئوية في صافي الانطباعات العامة مقارنة بعام 2022. ويمكن أن تعزى هذه الزيادة بشكل عام إلى زيادة بواقع 9,1 نقطة مئوية في قسم الآراء التي تخص سمعة المؤسسة من صافي الانطباع العام، وتعزى تلك الزيادة إلى مجموعة من العوامل مثل مبادرات مؤشرات رضا العملاء، وانتعاش الأداء المالي، وتحسن تجربة العملاء. ولكن وعلى الرغم من التحسن في تجربة العملاء، رصد التحليل شكوى عامة من خدمة العملاء وزمن الاستجابة حيث تكرر ذكرهما بين أهم المشكلات التي تؤرق العملاء بالإضافة إلى تأثير زمن انقطاع الخدمة الرقمية على القطاع وعلى ثقة العملاء في المؤسسات المالية بالمملكة.
أهمية اكتساب العملاء والاحتفاظ بهم
وفي تعليقه على التقرير، صرح مارك ستانلي، الشريك في قسم الخدمات المالية بشركة بي دبليو سي الشرق الأوسط، قائلاً: “هناك تداخل عميق بين كسب العملاء والاحتفاظ بهم وبين الانطباع العام للعملاء. ومن هذا المنطلق، يستفيد مؤشرنا من قوة وسائل التواصل الاجتماعي لطرح آراء مباشرة وغير مفلترة تعكس تجارب الجمهور المعلنة على شبكة الإنترنت. وفيما يخص البنوك، لا شك أن تجاهل هذه الأصوات القوية ليس مجرد خطأ وقصور في التركيز، وإنما إهدار لفرصة سانحة لفهم احتياجات العملاء والوفاء بها”.
دور وسائل التواصل الاجتماعي كقناة للشكوى
وتستخدم منصات التواصل الاجتماعي في أغلب الأحيان كنوافذ لشكاوى العملاء، ولا سيما عندما تفشل قنوات الاتصال التقليدية في حل مشكلات العملاء. ونتيجة لذلك، يغلب الطابع السلبي على المحادثات عن الجوانب التشغيلية. وعلى الرغم من نجاح بعض البنوك في تحسين صافي الانطباع العام عن سمعتها، لا يزال من الممكن أن يؤدي تحسين الآراء بشأن الجوانب التشغيلية إلى ارتفاع عام في صافي الانطباع العام.
اقرأ أيضاً: صندوق الاستثمارات السعودي يعتزم بيع 10 في المئة من حصته في تداول
خدمة العملاء: انخفاض صافي المشاعر وأوقات الحل الطويلة
وقد أظهر التحليل أن خدمة العملاء هي الموضوع السائد في المحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي حيث جاءت على رأس قائمة الموضوعات من حيث حجم التفاعل، ولكن صافي الانطباع العام عنها منخفض حيث سجلت -82,1 في المئة وهو ما يشير إلى أن جميع البنوك بحاجة إلى تحسين خدمة العملاء ولا سيما فيما يتعلق بطول الزمن المستغرق في حل مشكلات العملاء. وجاءت منتجات البنوك في المركز الثاني من حيث حجم التفاعل وسجلت صافي انطباع عام -37,4 في المئة، وتأتي هذه النتيجة مدفوعة بالآراء السلبية حول عروض بطاقات الخصم المباشر وما يماثلها حيث ذكر العملاء مشكلات في المعاملات والتأخير في إصدار البطاقات. أما السمعة فجاءت في المركز الثالث من حيث حجم التفاعل وسجلت صافي انطباع إيجابي، وهو ما يبرز التأثير الإيجابي للبرامج المجتمعية وحملات التوعية والمبادرات البيئية على المستهلكين. وامتدح الكثيرون أيضاً البنوك بسبب حملات التوعية ضد الاحتيال وزيادة يقظة العملاء التي نفذتها البنوك على وسائل التواصل الاجتماعي.
وجاءت التجربة الرقمية على رأس الموضوعات التي نالت انطباعاً سلبياً، ويعزى ذلك بوجه عام إلى مرات انقطاع الخدمات الرقمية وأوقات تعطل التطبيقات. وقد تسببت تلك المشكلات في عجز المستهلكين عن إتمام معاملات مهمة، مما أدى إلى حالات من الإحباط ساهمت في تسجيل صافي انطباع عام سلبي بنسبة -81,1 في المئة.
تمكين أصحاب المصلحة من العمل السريع والتخطيط الاستراتيجي
وأضاف مارك ستانلي قائلاً: “إن الغرض من هذا التحليل هو تمكين الأطراف المعنية من التحرك بسرعة وتطوير خطط استراتيجية طويلة الأمد قد تساهم في تعزيز الانطباع العام والأرباح على حد سواء. ففي ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها القطاع المصرفي السعودي، من المرجح أن يضيف الاهتمام بتحسين الأداء التشغيلي في جوانب مثل خدمة العملاء واعتمادية الخدمات الرقمية ميزة تنافسية كبرى للمؤسسات المالية”.
ومن جانبها، صرحت ميلاني مالهيربي، المدير الإداري في داتا إي كيو، قائلة: “إن المؤشر لا يكتفي بتسليط الضوء على التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في المملكة، وإنما يبين فرص التغيير الواضحة أيضاً. وفي ظل تصاعد المنافسة بسبب دخول لاعبين جدد إلى السوق وتزايد الحاجة إلى الدعم الرقمي للعملاء، يجب على البنوك ألا تكتفي بالجهود الرامية إلى الحفاظ على سمعتها الجيدة، وإنما عليها أن تسعى كذلك إلى إدخال تحسينات مستمرة على أنشطتها وعملياتها لضمان تحقيق تجربة مصرفية شاملة تتمحور حول العملاء واحتياجاتهم”.
وأكدت ميلاني أن البنوك السعودية يمكنها من خلال استيعاب ملاحظات العملاء على منصات التواصل الاجتماعي والعمل على حلها أن تنجح في تحويل الانطباعات السلبية وتمهيد الطريق نحو مستقبل تتمحور فيه عملياتها حول ثقة العميل ورضاه.
وتجدر هنا الإشارة إلى أن بي دبليو سي الشرق الأوسط ملتزمة بمساعدة البنوك على استيعاب المشهد المالي الذي يشهد تغيرات ديناميكية بما يضمن زيادة تماسكها وصمودها في المستقبل وتركيزها على العملاء. وبوصفها واحدة من أبرز الشركات الرائدة في مجال الاستشارات، تهدف بي دبليو سي من خلال استخدام منهج فعال وشامل إلى تمكين البنوك من تبني الابتكار وبناء روابط أقوى مع قاعدة عملائها بما يتماشى مع رؤية المملكة على المدى الطويل.
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار المصارف والتمويل