Share

المدن الذكية في السعودية.. إلى أي مستقبل تتجه المملكة؟

تمثّل المدن الذكية نحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
المدن الذكية في السعودية.. إلى أي مستقبل تتجه المملكة؟
تقدمت مدينة الرياض إلى المرتبة 30 ضمن مؤشر "IMD" للمدن الذكية

سيطر مصطلح المدن الذكية على القطاع العقاري حول لعالم، وطغى على الساحة التكنولوجية ليصبح مفهوما جديدا معتمدا في أي مدينة جديدة ترغب أي دولة بإنشائها، أو مدينة قديمة النشأة ترغب دولة معيّنة بتطويرها، وجعلها بيئة رقمية صديقة للبيئة ومحفزة للتعلم والإبداع.

أهمية المدن الذكية

وقد يطلق على المدن الذكية أيضا تسميات أخرى، كمصطلح: “المدن الرقمية” و”المدن الإيكولوجية”، وهي تعريفات تستخدم لوصف كل ّمدينة متطوّرة تكنولوجيا، تعتمد الحوكمة في إداراتها، وأساليب ووسائل نقل صديقة للبيئة. وتستشرف “المدن الذكية” المستقبل على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وتتلخص الغاية منها في توفير بيئة مستدامة تعزز الشعور بالسعادة والصحة.

وتساهم المدن الذكية بجذب الاستثمارات الرقمية، وتعزيز الصناعة، والزيادة من نسبة الإنتاجية باستخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي. كما تعتبر المدن الذكية محركا قويا للنمو، حيث تمثّل نحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

تبني السعودية المدن الذكية

وسرعان ما انتشر نموذج “المدن الذكية” في الدول العربية، التي تبنته وبدأت تستخدمه في استراتيجيات التطوير المدني الخاصة بها.

ومن بين هذه المدن العربية نذكر المملكة العربية السعودية، والتي بدأت بالتوجه نحو المدن الذكية منذ العام 2017، عندما أطلقت منظومة الشؤون القروية والبلدية مبادرة “تطبيق مفاهيم المدن الذكية”.

ارتفاع نمو السكان في السعودية

وشهدت مدن السعودية زيادة واضحة في معدلات نمو سكانها، فقد تضاعفت تعدادهم من 9.32 مليون نسمة في عام 1980 إلى 32  مليون نسمة تقريبا في عام 2018 ، أي بما يقارب ثلاثة أضعاف، ومن المتوقع مع سرعة التحضر أن تصل نسبة سكان المدن إلى 90 في المئة من الإجمالي السكاني بحلول عام 2030 حيث سيبلغ عدد السكان في مدينة الرياض وحدها 8.2 مليون نسمة.

كذلك يتوقع أن يبلغ معدل النمو السكاني السنوي 0.78 في المئة ليصل تعداد سكان المدن إلى حوالي 38.5 مليون نسمة بحلول 2030.ومن الواضح أن هذه الزيادة المتنامية في التعداد السكاني والتغيرات السريعة ستفرض المزيد من الضغوط على المناطق الحضرية، وستحد من قدرة المدن في مواكبة متطلبات الزيادات السكانية المضطردة.

سياسات وخطط المملكة

ويجب أن تكون السياسات والخطط مراعية لبيئة المملكة، وداعمة لمختلف جوانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على نحو مستدام. وللمساهمة في تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني في مجال التحول الرقمي ،أعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية عن إنشاء 5 مدن ذكية جديدة في جميع أنحاء المملكة. وفي 2018 حددت وزارة الشؤون البلدية والقروية المشاريع التي يمكن تنفيذها في 5 مدن رئيسية ذكية حتى عام 2020، وهي الرياض، مكّة المكرمة، المدينة المنورة، جدة، حاضرة الدمام.

وعليه احتلت الرياض المرتبة 30 عالميا، والثالثة عربيا، في المؤشر الدولي للمدن الذكية عام 2021، وتلتها المدينة المنورة في المرتبة الثانية كثاني مدينة سعودية بحسب المؤشر، واحتلت المرتبة الـ73 عالميا، والرابعة عربيا.

اقرأ أيضا: سدايا وبرنامج التحول الوطني يطلقان أول مؤشر وطني للبيانات في السعودية في هذا التاريخ

استراتيجية جديدة

اعتمدت السعودية في العام 2022 استراتيجية جديدة للمدن الذكية والتي تهدف إلى تحويل خدمات القطاع البلدي والسكني إلى “ذكية”، من خلال استخدام التقنيات الرقمية وإنترنت الأشياء لتوفير الخدمات المعززة للازدهار الاقتصادي والاستدامة البيئية، والإشراف الحكومي الفاعل.

وتم بناء الاستراتيجية بمشاركة جميع الأمانات في القطاع البلدي، حيث جرى تطويرها لكل أمانة خاصة بها تشمل خريطة طريق تمتد إلى 2030، وتحديد 6 أهداف تراعي أولويات وتحديات كل منطقة.

وأوضحت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، أنه بحلول 2030 سيتم إطلاق أكثر من 50 مبادرة في 9 قطاعات، منها المواقف والأنظمة الذكية للمحافظة على البيئة والتخلص من النفايات، الإسكان والإدارة المجتمعية الذكية، وكذلك المتعلقة بإدارة الأراضي والأصول وتحسين المشهد الحضري، والتخطيط العمراني.

وأكدت الوزارة على سعيها من خلال الاستراتيجية إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة وهي تحسين جودة حياة المواطنين، وتحقيق الاستدامة المالية، بالإضافة إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة.

وستسهم المدن الذكية في خلق الحلول للتحديات الصعبة المرتبطة بالتطور، ومن أهمها مشكلات الاستدامة والازدحام والنقل واستخدام الطاقة، كما أنها تسعى إلى تحسين جودة الحياة لجميع أفراد المجتمع.

تقدّم المدن السعودية في مؤشر IDM

وفي الـ 2023، تقدمت مدينة الرياض إلى المرتبة 30 ضمن مؤشر “IMD” للمدن الذكية. كما دخل كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة إلى المؤشر، ليصبح إجمالي المدن السعودية ضمن المؤشر هي 4.

وحافظت العاصمة السعودية الرياض على مكانتها كثالث أذكى مدينة عربية في مؤشر المدن الذكية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية 2023. عالمياً، تحتل الرياض المرتبة 30 من بين 141 مدينة.

ويؤكد هذا التصنيف التزام الرياض والسعودية بتبني التقنيات الذكية والتخطيط الحضري المبتكر لتحسين مستوى المعيشة والاستدامة.

كما تأتي مكة في المركز الرابع، وجدة في المركز الخامس، والمدينة المنورة في المركز السابع عربياً. أمّا عالميًا، فاحتلت مكة المكرمة المرتبة 52، وجدة 56، والمدينة المنورة 85.

ويشير دخول هذه المدن إلى المؤشر إلى التزام أوسع داخل السعودية بتطوير المناطق الحضرية بالتكنولوجيا الذكية والممارسات المستدامة.

التوسع العمراني

وفي ظل التغيرات الحالية، تسعى السعودية إلى تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية مستقبلا والتوجه للاعتماد على الموارد غير البترولية الوفيرة في دعم الاقتصاد الوطني.
ولتحقيق ذلك، بادرت المملكة إلى تحويل مساحات شاسعة تصل إلى آلاف الكيلومترات المربعة إلى مدن مستقبل ذكية وذلك ضمن جهودها الرامية إلى التوسع العمراني وتوليد فرص عمل جديدة وتشجيع الاستثمار، و التحول إلى اقتصاد متنوع يشمل قطاعات الاتصالات وتوليد الطاقة والغاز الطبيعي والاستثمارات الخاصة التي من شأنها توفير المزيد من فرص العمل للشباب السعودي

تتألف المدن الذكية من العديد من بينها المباني، ونظم النقل والمواصلات، وخدمات الأمن الحضري ، وتصريف مياه السيول والأمطار ، وإضاءة الشوارع، والجاهزية في
حالات والأزمات، والاقتصاد الداعم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.

مدينة نيوم

وفي المملكة، تكتسب مشاريع المدن الذكية المقامة على الأراضي غير المستغلة للبناء زخما كبيرا، فقد أزاحت المملكة الستار عن مشروع مدينة المستقبل العملاقة “نيوم” التي يتم بناؤها من الصفر شمال غرب المملكة على شواطئ البحر الأحمر، على مساحة تبلغ 26,500 كلم، 2 وبتكلفة 500 مليار دولارا أميركيا.

يأتي هذا المشروع ضمن التطلعات الطموحة لرؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة خارج القطاع النفطي الذي لطالما اعتمدت عليه المملكة في دعم اقتصادها الوطني .

وستعتمد هذه المدينة مشاريعها الاقتصادية على التصنيع المتطور باستخدام الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والتقنيات الحيوية والإعلام، والتقنيات المتطورة في مجالات الأمن والخدمات اللوجستية المتطورة وتوفير خدمات الرعاية الصحية المتقدمة لتحسين حياة قاطنيها وضيوفها، وتشجيع نماذج الأعمال فيها، والاعتماد أكثر على الروبوتات عوضا عن العنصر البشري.

وفي وسط هذا الزخم العمراني والإقبال الواسع الذي تشهده السعودية في مجال المدن الذكية، يبقى السؤال “كيف سيكون شكل السعودية مع حلول عام 2030”. فعلى ما يبدو نحن ذاهبون إلى دولة نموذجية في جميع المقاييس.

انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار التكنولوجيا.

مواضيع ذات صلة: