تمّ خلال العام الجاري إحراز تقدم كبير في خطط البناء لمدينة “نيوم” السعودية، والتي تقدر قيمتها بنحو 500 مليارات دولار (1.9 تريليون ريال).
ومع ذلك، العمل جارٍ على قدمٍ وساق لتأمين المتطلبات المالية واللوجستية المستقبلية للمشروع.
في وقت سابق من الأسبوع الجاري، أطلقت شركة نيوم أول سلسلة من الاجتماعات واللقاءات التعريفية مع مستثمرين تحت شعار “اكتشف نيوم”.
إقرأ أيضاً: المدن الأربع العملاقة المستقبلية في نيوم السعودية
وتمت خلال هذه اللقاءات مشاركة تفاصيل حول فرص الاستثمار والتقدم المحرز في مشاريع شركة “نيوم”، بما في ذلك المخططات الجارية والقادمة.
وتعتزم الشركة إجراء جولات “اكتشف نيوم” في مدن سعودية أخرى وأسواق عالمية تشمل كلاًّ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.
أوكساغون (مصدر الصورة: “نيوم”)
التقدّم المُحرز في البناء
منذ بداية العام الجاري، أبرمت “نيوم” عقود بناء وتطوير ضخمة. وفي فبراير/شباط الحالي، جرى تعيين شركات دولية من أمثال “أس.أن.سي-لافالين” و “جاكوبز” و “بارسونز”، بالإضافة إلى “جسارة” السعودية، كشركاء تسليم لمشروع “ذا لاين”.
وتتضمّن خطط “ذا لاين” مدينة مستقبلية خالية من الطرق، بحيث سيمثّل مشروعًا عمرانيًا بعرض 200 متر وارتفاع 500 متر من شأنه أن يعالج التحديات التي يعاني منها قطاع العقارات العمرانية مثل التلوث وحركة المرور والازدحام البشري.
كما أحرزت مناطق أخرى تقدماً مماثلاً، بحيث وقعت شركة “يوتيل” البريطانية، في يناير/كانون الثاني 2023، أول اتفاقية لدخول السوق السعودية من خلال مشروع “نيوم”.
سيكون فندق “يوتيل” في “نيوم” المكوّن من 300 غرفة، والمقرر افتتاحه في العام 2025، أول مشروع في مجال الضيافة في مدينة “أوكساغون”.
وتهدف “أوكساغون” إلى أن تكون مركزًا صناعيًا صديقاً للبيئة، بحيث تخطّط اعتبارًا من العام 2026، لأن تضمّ مصنعاً ينتج 600 طن من الهيدروجين يوميًا على شكل أمونيا خضراء. يُذكر أنه في يناير/كانون الثاني، منحت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية المصنع رخصة تشغيل ومزاولة مهنة.
وخلال الشهر نفسه، وقّعت شركة “جنرال أوتيل مانجمنت” اتفاقية لإدارة فندق “ذا شيدي تروجينا”. وبدأ بناء “تروجينا” في ديسمبر/كانون الأول 2022، ومن المتوقع أن يكتمل العمل على المشروع في العام 2026.
إقرأ أيضاً: السعودية تستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029 في “نيوم”
كما ستستضيف تروجينا، وهي وجهة سياحية جبلية، دورة الألعاب الآسيوية الشتوية المزمع إقامتها في العام 2029.
كما تمّ في ديسمبر/كانون الأول 2022 إطلاق جزيرة السندلة رسميًا، وهي منطقة أخرى ضمن مدن “نيوم” الأربعة. وستكون جزيرة “السندلة” عبارة عن مجموعة جزر تبلغ مساحتها 840 ألف متر مربع مع 86 مرسى، بالإضافة إلى 413 غرفة فندقية راقية و 333 شقة فندقية.
خارطة طريق تطوير مدينة “نيوم”
تؤثر اتجاهات الاقتصاد الكلي على البرامج الموضوعة لبناء مدينة “نيوم”.
على سبيل المثال، ارتفعت تكلفة مشروع محطة الهيدروجين الأخضر التابعة لـ”أوكساغون” من 5 مليارات دولار إلى 8.5 مليارات دولار. وفي فبراير/شباط الجاري، صرّحت شركة Air Products الشريكة في عملية التطوير، أن التضخم وقطع التبديل وفوائد القروض البالغة مليار دولار أدّت إلى زيادة تكاليف المشروع.
وأدّى التضخم وحده إلى زيادة التكلفة بمقدار 500 مليون دولار. وبلغت تكلفة تمويل المشروع ودفعات الفوائد والتكاليف الإضافية للمشروع المشترك 1.8 مليار دولار.
أضاف تمويل المشروع ودفعات الفوائد والتكاليف المستجدّة للمشاريع المشتركة إلى إضافة كلفة بقيمة 1.8 مليار دولار.
إقرأ أيضاً: “نيوم” السعودية تستعدّ لبناء أكبر مصنع هيدروجين أخضر في العالم
وتعود الزيادة المتبقية البالغة 1.2 مليار دولار إلى العمل الإضافي لتأمين الاكتفاء الذاتي للمشروع وخفض تكاليف التشغيل.
وعلى غرار معظم فرق المشاريع العملاقة في السعودية، يتعيّن على “نيوم” التعامل مع نقص الموارد في سلاسل التوريد المحلية.
ومع اقتراب الموعد النهائي المحدد لرؤية السعودية 2030، ستبرز الحاجة إلى مزيد من الموارد لتنفيذ خطط البناء الطموحة في المملكة.
مدينة “تروجينا” في “نيوم” (مصدر الصورة: “نيوم”)
تضافر الجهود لبلوغ النجاح
في مقابلة لصالح “إيكونومي ميدل إيست”، يقول أحد مديري المناقصات في السعودية الذي تنخرط الشركة التي يعمل لصالحها في تطوير مخططات أحد المشاريع الضخمة: “شهدنا على تدفّق العديد من مناقصات المشاريع الضخمة والعملاقة في الآونة الأخيرة”.
“أقل ما يمكن قوله أن التقدم كان جيداً على صعيد العقود والمشتريات. ولكن هل يتوافق ذلك مع المتطلبات الفعلية لتحقيق الأهداف الطموحة لهذه المشاريع؟”، يقول متسائلاً.
“الأهداف طموحة للغاية ويمكن اعتبارها غير واقعية إلى حدّ ما”، يردف الأخير.
ويشير إلى أنه نتيجة لذلك، قد تكون هناك حاجة إلى موارد إضافية في السوق ليس للوفاء بالجداول الزمنية المحددة فحسب، بل أيضًا لتقديم “عامل الإبهار” الإضافي المطلوب عادةً على مستوى مشاريع البناء في المنطقة”.
إلى ذلك، قد يسهم الاستثمار الأخير لصندوق الاستثمارات العامة البالغ قيمته 1.3 مليار دولار في أربع شركات إنشاءات سعودية في تخفيف بعض الضغط. ومع ذلك، فإن المزيد من التعاون الدولي والمحلي سيسهم في تلبية الطلب.
إقرأ أيضاً: تقدّم مشاريع البناء الضخمة يخدم الطموحات السعودية لدفع الاستثمار الأجنبي المباشر
يوضح المدير: “لم يقم أي مقاول في العالم من قبل بالحفر أو صبّ الاسمنت بنفس القدر الذي تتطلبه مشاريع رؤية 2030”.
“سيتطلب الأمر انصمام تكتّلات أكبر من الشركات لتوحيد الجهود وتضافرها”، يختم.