حفزت الاستثمارات والمبادرات المدعومة من الحكومة السعودية على مدى الأشهر الـ 12 الماضية نشاط السوق العقاري في جدة.
تعدّ جدّة ثاني أكبر مدينة في السعودية، وتُعتبر إلى حد كبير حصناً لوجستياً إقليمياً بفضل ميناء جدة الإسلامي. كما تعدّ جدة أيضًا سوقًا محليًا رئيسيًا للسياحة. إنها بوابة الوصول لمدينة مكة المكرمة، ومركزاً للمبادلات والأنشطة التجارية.
جرت العادة أن تتأخر جدة عن الرياض –عاصمة المملكة وأكبر مدينة فيها – من حيث المشاريع العقارية. على مدى العقدين الماضيين، تركّز الإنفاق العمراني إلى حدّ كبير على المشروعات في العاصمة، بحيث شملت مركز الملك عبد الله المالي ومترو الرياض.
لكن مع عودة الإنفاق السعودي على قطاع البناء منذ إطلاق رؤية 2030، يبدو أن الاستثمارات ستطال السوق العقاري في جدة.
مشاريع قيد التنفيذ بقيمة 90 مليار دولار
تبلغ قيمة المشاريع قيد الإعداد في جدة حوالي 90 مليارات دولار، وفقًا لتقديرات يناير/كانون الثاني 2023. وتشمل هذه المشاريع بناء 89 ألف منزل، بالإضافة إلى 250 ألف متر مربع من المكاتب و 1.4 مليون متر مربع من مناطق البيع بالتجزئة.
يُظهر بحث صادر عن “نايت فرانك” في كانون الثاني/يناير أن حوالي 14 مليارات دولار من الإنفاق المرصود في الميزانية مخصصة لمشاريع البنية التحتية.
كما تم التخطيط لبناء 1,500 كيلومتر من الطرق الحديدية لربط مدن وبلدات السعودية بشقّيها الشرقي والغربي. إلى ذلك، جرى التخطيط لبرنامج بقيمة 7 مليارات دولار يرمي إلى توسيع ميناء جدة الإسلامي.
مشاريع عمرانية
في المقابل، يجري العمل أيضاً على إطلاق مشروع عقاري ضخم آخر في جدة، وهو مشروع “وسط جدة” بتكلفة استثمارية تبلغ 20.4 مليارات دولار (76.5 مليار ريال).
يتضمن المخطط الرئيسي لمشروع “وسط جدة” ملعباً رياضياً ومتحفاً مائياً ومزرعة مرجانية، بالإضافة إلى مرسى ومحطة رحلات بحرية. وقامت شركة وسط جدة للتطوير العقاري بتوقيع عقود إنشاء ملعب المشروع والمناطق البحرية والبنية التحتية.
ويلفت يزيد حجازي، الشريك المشارك في استراتيجية العقارات والاستشارات في “نايت فرانك” بالسعودية، أنه “مع تخصيص حوالي 3.3 مليار دولار (12.4 مليارات ريال) لإقامة مشاريع ترفيهية، يستفيد سكان جدة من التحسينات على صعيد مرافق المدينة الترفيهية والثقافية والتعليمية والصحية”.
على الرغم من اعتبارها ثانوية بالنسبة للمشاريع العملاقة الأكثر ضخامة في أماكن أخرى من البلاد، فإن مرافق الرعاية الصحية والتعليمية المعززة تساعد في جعل المدن أماكن أكثر جاذبية للعيش فيها.
“سيساعد ذلك جدة على ترسيخ مكانتها كمركز تجاري رئيسي للبحر الأحمر، كما سيجعلها أيضًا مدينة أكثر جاذبية للعيش والعمل فيها”.
إقرأ أيضاً: فئات جديدة من الأصول تدبّ الحياة في السوق العقاري بمكّة والمدينة المنورة
نظرة عامة على السوق العقاري في جدة
بحلول الربع الثالث من العام 2022 ، انخفضت إيجارات المكاتب من الدرجة الأولى بنحو 2.5 في المئة وبلغت قيمتها 269 دولارًا (1008 ريال) لكل متر مربع. وانخفضت إيجارات مراكز التسوق الإقليمية والإقليمية الكبرى بنسبة 1 في المئة. وقدرت قيمة هذه الأخيرة بين 533 دولارًا و 933 دولارًا (2000-3500 ريال) للمتر المربع.
وفي العام المنتهي في سبتمبر/أيلول 2022، ارتفع متوسط الأسعار اليومية في جدة بنسبة 19.6 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى 214 دولارًا (802 ريال). وبلغ متوسط الإشغال 52 في المئة خلال هذه الفترة.
ومن المتوقع أن يستمر الطلب في النمو في العام 2023 عبر قطاعات متعددة من السوق العقاري في جدة. ووفقًا لشركة”ديلويت”، يتزايد الطلب على الوحدات السكنية عالية المستوى والفاخرة. كما استمرت مخططات الشقق عالية الجودة “في البيع بشكل جيد خلال مرحلة ما قبل البناء”.
ولفت فيصل دوراني، الشريك ورئيس شركة أبحاث الشرق الأوسط في “نايت فرانك”، إلى أن “شعبية موسم جدة وفورمولا 1 جدة، إلى جانب الخطوط السكك الحديدية فائقة السرعة والحديثة التي تشكل رابطاً للمدن المقدسة، تعني أن إمكانات جدة كوجهة سياحية عالمية بدأت لتوّها في النمو”.
وأضاف: “مع وجود خطط لجذب 100 مليون سائح إلى المملكة بحلول العام 2030، لا يزال لدى المدينة القدرة على تطوير سوق سياحي نابض بالحياة، لا سيّما نظرًا للمجموعة الواسعة من عوامل الجذب الموجودة مسبقًا والمناخ الأكثر اعتدالًا بالنسبة لبقية منطقة الخليج”.
