تمكنت العاصمة السعودية الرياض من الاستحواذ على مكانة مرموقة بدخولها قائمة أسرع 15 مدينة نموًا بحلول العام 2033، وذلك وفقاً لمؤشر “سَفِلز” لمراكز النمو في النسخة الأحدث من برنامجها العالمي لقيادة الفكر “إمباكتس”.
وتوفر المملكة العربية السعودية مجموعة كبيرة من الفرص للمشاريع الجديدة وتوسع الأعمال ويعزى الفضل في ذلك إلى “رؤية 2030”. والجدير بالذكر أن الرياض تُعد المدينة العربية الوحيدة التي ظهرت في قائمة “سَفِلز” لأفضل 15 مركز نمو. وترتبط إمكاناتها هذه بسكانها المتوقع نموهم بنسبة 26 في المئة، ما يؤدي إلى ارتفاع العدد من 5.9 إلى 9.2 مليون نسمة في غضون السنوات العشر المقبلة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا النمو إلى استمرار الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية الضخمة، إضافة إلى تحسين المرافق والخدمات لاستيعاب العدد المتزايد من السكان.
ويقول ريتشارد بول، رئيس وحدة الخدمات المهنية والاستشارات في الشرق الأوسط لدى “سَفِلز”: “يبلغ عدد سكان المملكة 36 مليون نسمة تقريبًا، ومن اللافت للانتباه أن 67 في المئة منهم يندرجون تحت سن 35 عام. وتعتبر إمكانات التوظيف والقدرة الشرائية لهذه الشريحة السكانية هائلة جدًا على مدى العقد المقبل.”
ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر
أظهرت البيانات الحكومية التي تم الكشف عنها في وقت سابق، أن صافي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة ارتفع بنسبة 5.6 في المئة، ليصل إلى 9.5 مليار ريال (2.53 مليار دولار) في الربع الأول من العام 2024 مقارنة بالعام المضي.
وقال رمزي درويش، رئيس سَفِلز في المملكة العربية السعودية: “وهناك عدد من العوامل التي أسهمت في استقطاب الشركات العالمية، وعززت مكانة الرياض كمركز إقليمي حيوي للشركات الرائدة في مختلف الصناعات، ومن أهمها الإعفاء الضريبي لمدة 30 عامًا للمقرات الإقليمية وتوسيع السوق والآفاق الواعدة.”
وأضاف درويش أن الرياض تشهد طفرة ملحوظة من حيث اهتمام الشركات حيث قامت أكثر من 180 شركة أجنبية بإنشاء مقراتها الإقليمية في المدينة خلال العام 2023، ليتجاوز هذا الرقم الهدف الأولي البالغ 160 شركة، كما تعكس هذه الثقة المتزايدة الإمكانات القوية لرأس المال السعودي.
المدن الآسيوية تقود النمو
يعد مؤشر “سَفِلز” لمراكز النمو مؤشرًا مصاحبًا لمؤشر المدن المرنة. تدرس “سَفِلز” على وجه التحديد ركائز القوة الاقتصادية وتتوقعها حتى العام 2033 لتحديد المدن ذات النمو المرتفع وذات الثروة المتزايدة والاقتصادات المتوسعة.
وتحتل المدن الهندية والصينية خمسة مراكز ضمن المراكز الخمسة عشر الأولى، تليها فيتنام باثنين، والفلبين وبنجلاديش والسعودية بمركز واحد لكل منها.
من جهته، يقول بول توستيفين، مدير ورئيس شركة “سَفِلز” للأبحاث العالمية: “من الناحية الاقتصادية، تشير التوقعات إلى أن المدن في الهند وبنغلاديش ستحقق متوسط نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 68 في المئة بين في الفترة من العام 2023 وحتى 2033، تليها المدن في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك فيتنام والفلبين، بنسبة قدرها 60 في المئة.”
الآثار العقارية على المدن
نتيجة تحول النمو العالمي من الغرب إلى الشرق، تتضاعف الآثار العقارية على المدن بما في ذلك الرياض. وستصبح مراكز الابتكار الجديدة نقاط جذب للشركات المتنامية والراغبة في التوسع، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز الطلب على المكاتب ومساحات التصنيع والخدمات اللوجستية والمنازل. وفي الوقت نفسه، فإن ارتفاع الثروات الشخصية والدخل المتاح سيعززان فرص تطوير المزيد من المشاريع الجديدة في قطاعي التجزئة والترفيه.
ومن شأن هذا التحول في القاعدة الاقتصادية في آسيا، إلى جانب التركيز المتزايد على النمو القائم على التكنولوجيا، أن يدعم صدارة مدن المنطقة في التصنيف العالمي. ومع ذلك، لا يزال هناك عدد من العوامل الرئيسية الأخرى، ومن أبرزها الاستثمار المخطط له في البنية التحتية والاستراتيجيات التي تهدف إلى تحسين الاتصال والقدرة التنافسية للأعمال.
ومع أن الأداء الاقتصادي والنمو السكاني مؤشرين واعدين للنمو المستقبلي، لا بدّ من توافر العوامل الأخرى المطلوبة لتحقيق النجاح المنشود. ويوضح توستيفين ذلك بقوله: “لن تتحول مراكز النمو العالمية اليوم تلقائيًا إلى مدن الغد المرنة.” ولذلك، عليها التفكير في مساراتها الخاصة لتحقيق تنمية أكثر استدامة بيئيًا وتحسين معايير التعليم والمشاركة في القوى العاملة. وأضاف: “وينبغي عليها أيضًا تسهيل أسواق العقارات المستقرة والشفافة، أي التي يمكن شراؤها بسرعة وسهولة نسبيًا.”
انقر هنا للاطلاع على المزيد من أخبار الاقتصاد.